Editor image

Abuk Achuil Bulabek

Article Editor | شؤونها وشجونها

الذكوري و قضايا المرأة: تعاطف مشروط وأحكام مسبقة
Abuk Achuil Bulabek 709 views
Advertisement
Ad Space - 728 × 90 pixels

تطرح  قضايا المرأة دائماً  في المجتمعات التي تسعى إلى التغيير، حيث يفترض  أن يكون النقاش حول الحقوق والمساواة مبنيًا على الإنصاف والعدالة. لكن في كثير من الأحيان، نجد أن بعض الرجال الذين يتحدثون عن قضايا المرأة لا يفعلون ذلك إلا من منظور ذكوري يعيد إنتاج السلطة الأبوية بأساليب أكثر نعومة، لكنها ليست أقل خطورة. هؤلاء يتبنون  خطابًا يبدو في ظاهره داعماً  للمرأة، لكنه في جوهره مشروط ومتربص بها في كل خطوة.

أولًا: التعاطف المشروط بالعادات والتقاليد

عندما يكتب الذكوري عن قضايا المرأة، يبدأ حديثه بنبرة متعاطفة، يعلن تأييده للمساواة والعدالة، ويدعي  وقوفه مع حقوق المرأة، لكنه سرعان ما يعود ليضع قيوداً  على هذه الحقوق تحت ذريعة العادات والتقاليد. فتراه يقول: “أنا مع حرية المرأة، ولكن يجب أن لا تتجاوز هذه الحرية حدود العرف والموروث الاجتماعي”. هكذا يتحول التعاطف إلى سلاح يُستخدم لتقييد المرأة بدلاً  من دعمها، إذ تصبح حقوقها مرهونة بإطار رسمه المجتمع الذكوري مسبقاً .

ثانيًا: الذكوري والتربص الدائم بالمرأة

الذكوري دائماً ما يكون في حالة تربص بالمرأة، وكأنه ينتظر زلتها  ليثبت صحة قناعاته المسبقة حول عدم قدرة المرأة على الاستقلال والنجاح. فإذا طلبت المرأة المساعدة في أمرٍ ما، يستغل الفرصة ليقول: “ألم أقل إن المساواة التي تنادون بها ليست واقعية؟ ها أنتن تعُدن إلينا عند أول مشكلة”. وهو بهذا لا يرى المساعدة كفعل إنساني طبيعي، بل كدليل على فشل المرأة في تحقيق استقلالها.

ثالثًا: التشكيك في نجاح المرأة واستقلالها المالي

عندما تتفوق المرأة في مجال عملها وتثبت جدارتها، يتحول الخطاب الذكوري إلى هجومٍ وتشكيك. فبدلًا من الاعتراف بجهودها، يتم الطعن في نزاهتها، فتهتم بأنها وصلت إلى هذا النجاح بطرق غير أخلاقية. وإذا أصبحت مستقلة مالياً ، توجه إليها اتهامات أخرى مثل أنها “تكبرت على الرجال”، أو أنها “أهملت بيتها ومسؤولياتها لاسرية ”. هكذا، يرفض الذكوري الاعتراف بأن المرأة قادرة على تحقيق ذاتها دون وصايته أو دعمه.

ما وراء الخطاب الذكوري

ما يجمع بين كل هذه المواقف هو أن الذكوري لا يرى المرأة ككيان مستقل، بل كطرف يجب أن يظل تحت السيطرة. حتى عندما يعلن دعمه لقضايا المرأة، فإنه يفعل ذلك وفقاً  لشروطه الخاصة، وليس انطلاقًا من إيمانه الحقيقي بحقوقها. ولهذا، فإن رفض الخطاب الذكوري في قضايا المرأة ليس مجرد موقف، بل ضرورة لضمان أن يكون الحديث عن المساواة والعدالة حقيقيًا وغير مشروط

نحو خطاب منصف لقضايا المرأة

إذا أردنا تحقيق مجتمع عادل، يجب أن يكون الخطاب حول المرأة خاليًا من الوصاية والتربص. علينا أن نؤمن بأن المرأة قادرة على تحديد مصيرها، وأن النجاح ليس حكرًا على الرجال. يجب تجاوز التصورات النمطية التي تجعل من استقلال المرأة مصدر تهديد، والتعامل مع قضاياها من منطلق الحقوق والعدالة، لا من منظور الامتيازات الذكورية

بهذا، يصبح الحديث عن قضايا المرأة أداة للتغيير الحقيقي، وليس مجرد إعادة إنتاج لسلطةٍ قديمة بعبارات جديدة.

Advertisement
Ad Space - 728 × 90 pixels
Tags:
شئوونها